اشكالية الولاء والبراء عندي

المخ البشري متطرف بطبعه .. يميل للحكم والتصنيف ..

والله عز وجل في كتابه عالج هذه الخصلة التصنيفية المكروهة فيه حينما يتعلق الامر بالحكم علي الاخر …
وجعل الله الحكم والفصل احدي مقتضيات الألوهية التي اختص الله بها نفسه ..
رفض ان يصنف الانسان الاخر او يحكم عليه او يزدريه
ولا تقولوا لمن القي اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا

ليس الصراع العقيدي للحصول علي امتار من الارض او الموارد او التفوق العددي
انما هو تعبيد القلوب لله .. شفقة تملأ قلب المسلم علي اصحاب الضلال 🙂 . حرص عليهم .. تعاطف معهم ،. محاولة رحيمة للانقاذ

وهذا لا يعارض الشدة احيانا علي اهل الضلال المحاربين الذين يستعبدون الناس ويحولون ضد وصول الحق للناس ويقفون عائقا امام الاختيار البشري الحر بعد توفر البدائل

يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا

لذا شرع القتال والجهاد .. لتظهر كلمة الله .. امام الاختيار الحر .. وبعدها لا اكراه ..
فقط ان تصل كلمة الله
وان احد من المشركين استجارك فاجره حتي يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه

اذن فليس الاسلام احد طرفين
ليس دينا مثاليا سلميا هشا مغرقا في الانهزامية والضعف والاستكانه يتقبل الاهانة والعدوان ولا يحرك ساكنا
وكما ظهر في عدوان الصين علي التبت المسالمة كيف اضطر اصحاب ديانة سلمية تماما ان يصدوا العدوان بالسلاح حينا
لذا فالعقاب الاسلامي والجهاد والقتال مشروط بالمثلية والمكافئة والجزاء
فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عاقبتم به
ومن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم

فهذا الدين يرتكز حول العدل والعدالة .. التوازن والموازنة

كما انه ليس علي النقيض دينا امبرياليا توسعيا شبقا للغزو والعدوان .. وليس ايدولوجية صدامية تعتمد الصراع اساسا للوجود والبقاء

انما هو قوامه الوسطية
وسط بين الفكرين ..
جناحيه يشملان الطرفين .. يرفرف بهما معا .. مما يحفظ توازنه

دين سلمي .. جهادي

ومعني الجهاد في القرآن ليس الغزو .. وانما النضال /الجدل /
لذا فهو ليس قوة ايجابية فاعلة انما هو قوة تقابل قوة ..
هو حشد مضاد .. ومحاولة اتزان ..
وذلك حقيقة اصل الكلمة ..

………….

المهم ان بالامس حين كنت اقرأ معالم في الطريق .. ملأني ذهني المتطرف بحماسة الجهادي التصنيفي الاقصائي
وبدأت اري فكرة قطب عن الجاهلية بشكل مشوه مملوء بالكراهية

ولكن ولله الحمد قد اعادني القرآن لحالة الاتزان ثانية

حين منحني حقيقة الولاء والبراء
فالبراء ليس عقيدة اقصائية صدامية او افنائية ابادية للآخر ..
انما هي حالة مفاصلة روحية وذهنية لتنقية التصور من لوثات الجاهلية .. حالة انعزال واستعلاء / سلمي علي مقتضيات الجاهلية وابعاد الظلام ..

وقد تجلت ملة ابراهيم التي تشوهت في ذهني بفعل قراءتي للتيارات التكفيرية وعدم ارتوائي من نبع القرآن الصافي مباشرة فظننتها تحوي اسس البراء وبالتالي التكفير والاقصاء

تجلت هذه الملة في صورتها النقية في سورة ابراهيم حين قال
فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم

اذن فهذه المفاصلة لا تعني الكراهية ولا علاقة لها بالحب او البغض او الصراع او الاقصاء والاضطهاد والتمييز في حالة الاستعلاء الاجتماعي
انما هي محض توجه قلبي لتخلية القلب من ان يصاب تصوره او معتقده بلوثات خارجية ناتجة من احتكاك وتداخل مصادر التلقي

لذا فليست البراءة هنا تضاد السماحة .. بل هي من صميم تكاملها .. وتزيل الاثار الجانبية للتسامح والانفتاح الذي ربما يؤثر علي صفو المعتقد …

وبهذا يكون الله قد حل لي اليوم اشكالية عميقة بهدي القرآن

written by :
عماد رشاد عثمان

3 رأي حول “اشكالية الولاء والبراء عندي

  1. سيدي الفاضل .. أرجو تصحيح الآية الكريمة .. فهو بالتأكيد خطأ غير مقصود .⬇
    “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا (عُوقِبْتُم) بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ ” ( سورة النحل – ١٢٦)
    مقال رائع
    شكراً لك

    إعجاب

أضف تعليق